حنان المقوب.. إعلامية ليبية تروي حكاية وطن وقصة ضياع ولقاء بعد 44 عامًا
- البوصلة

- 10 مايو
- 2 دقيقة قراءة
وسط مشهد إعلامي متقلب، برز اسم حنان المقوب كواحدة من أبرز الإعلاميات الليبيات اللاتي استطعن أن يتركن بصمتهن الخاصة في عالم الإعلام، ليس فقط بجرأتها وصدقها في الطرح، بل بقصة إنسانية نادرة شكلت ملامح حياتها وجعلتها حديث العالم العربي.

وُلدت حنان المقوب في ليبيا في أواخر سبعينيات القرن الماضي، لكنها لم تعرف يوم ميلادها الحقيقي إلا في سن متأخرة. إذ بدأت حكايتها عندما وُجدت رضيعة أمام أحد المساجد في مدينة بنغازي، بعد أن أُبلغت والدتها البيولوجية بأنها توفيت أثناء الولادة. وبدلًا من أن تبدأ حياتها في حضن والدتها، بدأت في دار للأيتام، حيث مكثت حتى الثانية من عمرها، حين تبنتها عائلة ليبية واحتضنتها كابنة لها.
نشأت حنان في بيتٍ متواضع، وعاشت سنوات طفولتها في كنف والديها بالتبني اللذين وفرا لها الحنان والرعاية. لكن القدر كان يحمل لها تقلبات أخرى، إذ توفي والداها وهي في السادسة والعشرين من عمرها، لتجد نفسها مرة أخرى وحيدة في مواجهة الحياة. بعد وفاتهما، حاولت الجهات الاجتماعية إعادتها إلى دار الأيتام، لكنها رفضت ذلك بعنفوان امرأة تعرف تمامًا ماذا يعني أن يُنتزع منك الأمان مرتين. اختارت الاعتماد على نفسها، وبدأت مسيرتها الإعلامية بتصميم استثنائي.
بدأت حنان أولى خطواتها في الإعلام عبر برامج حوارية تناولت قضايا اجتماعية شائكة في المجتمع الليبي، من قضايا النساء، إلى أوضاع الشباب، إلى واقع حقوق الإنسان. عُرفت بأسلوبها الجريء والصريح، الذي جذب إليها جمهورًا واسعًا، لا سيما في البرامج التي قدمتها عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل “تيك توك”، حيث أطلقت برنامج “تعال نحكيلك”، الذي حاز مشاهدات ضخمة داخل ليبيا وخارجها.
لكن المفاجأة الكبرى في حياة حنان لم تأت من عملها الإعلامي، بل من حياتها الشخصية. ففي مايو 2025، وأثناء بث مباشر عبر تيك توك، تلقت اتصالًا من شاب يُدعى عمر موسى. تحدث الشاب عن قصة والدته التي لا تزال تبحث عن ابنتها التي وُلدت في ظروف غامضة قبل أكثر من أربعة عقود، وأُبلغت حينها بأن طفلتها توفيت. لم يكن الاتصال عاديًا، إذ تبيّن لاحقًا أنه شقيقها البيولوجي، وأن والدتها ما زالت على قيد الحياة وتبحث عنها منذ أكثر من 40 عامًا.
لحظة اللقاء عبر الشاشة كانت صادمة ومؤثرة، حيث اغرورقت عينا حنان بالدموع، وعمّ التأثر مواقع التواصل الاجتماعي، التي امتلأت برسائل الدعم والتعاطف. لم تكن تلك مجرد لحظة لقاء بين أم وابنتها، بل كانت لحظة انتصار للإنسانية، والتكنولوجيا، ولحنان ذاتها التي خاضت رحلة من الضياع إلى اللقاء، ومن العزلة إلى الضوء.
حنان المقوب ليست مجرد إعلامية، بل صوت نسائي قوي يحمل في داخله قصة امرأة لم تستسلم رغم كل الخسارات. صنعت من ألمها منصة حوار، ومن جراحها منبرًا للتعبير، ومن حياتها حكاية تستحق أن تُروى





تعليقات